شهدت حلبة ياس مارينا في أبوظبي واحدًا من أكثر السباقات حماسية وإثارة في تاريخ فورمولا 1 في نهاية موسم رائع قدمه لنا سائق فريق ريدبول ماكس فيرستابن وسائق مرسيدس لويس هاميلتون، انتهى بفوز فيرستابين في لفة أخيرة مثيرة للجدل. لكن ما هي قصة استراتيجية الإطارات التي توّجت بطلا جديدا في عالم فورمولا المثير؟
بداية جنونية وإبداع من بيريز
بدأ السباق مع فيرستابن الذي بدأ في المركز الأول على الإطارات اللينة بينما كان هاميلتون بجانبه مباشرة على شبكة البداية على الإطارات المتوسطة. لكن الهولندي كان بطيئًا في البداية حيث انطلق بطل العالم سبع مرات وتقدم في الزاوية الأولى.
لجدل وقع في تلك اللفة نفسها حيث شق فيرستابن طريقه بسرعة واقترب من هاميلتون. كان لديه متسع كبير للالتفاف والتقدم حيث قفزت السيارتين نحو زاوية ضيقة، حاول فيرستابن خنق هاميلتون ونجح في ذلك. لكن هاملتون، بدلاً من إعطاء التقدم إلى فيرستابن، قرر المضي قدمًا بمجازفة ذكية لمنع فيرستابن من التقدم. قرر فريق من الحكام أنه لا داعي لاتخاذ أي إجراء بخصوص تجاوز هاميلتون.
كان لسائق ريدبول الثاني سيرجيو بيريز دور فعال في إبطاء هاميلتون وإتاحة الفرصة لزميله الهولندي في التقدم ومطاردة سائق مرسيدس في منتصف السباق.
إطارات بيريللي: ألوان واستراتيجية حددت الفائز
كما في كل سباق، تقوم الشركة المزودة بتقديم نوعين من الإطارات وكلاهما يجب أن يستخدم من قبل كل سائق في مرحلة ما من السباق. يُطلق عادة على هذين النوعين اسم "Prime" و "option".
ولكن يمكن أن يكون كل منهما ضمن أربعة أنواع من الإطارات: فائقة النعومة (Super soft)، ناعمة (Soft)، متوسطة (Medium) وصلبة (Hard).
في سباق أبو ظبي، قدمت بيريللي ثلاثة أنواع من الإطارات، HARD C3 باللون الأبيض، MEDIUM C4 باللون الأصفر، و SOFT C5 باللون الأحمر.
كان إطار HARD C3 باللون الأسود مفيدًا في السباق، فقد أكمل بعض المهام الطويلة مع تقديم أداء جيد جدًا ومتسق، إذ سمح لفيرستابن بتحديد أسرع لفة في السباق (1.26.762 ثانية). أكمل فيرستابن وهاميلتون 36 لفة بالوقود الكامل بينما أجرى هاميلتون 44 لفة على هذا الإطار، مما أدى إلى تآكل إطارات سيارته.
أما الإستراتيجية الناجحة، فكانت اعتماد فيرستابن للإطارات الناعمة الحمراء (Soft C5) في اللفة الأخيرة. أثبتت هذه الإطارات أنها كانت مفتاح لقب فيرستابن، عندما استخدمه في اللفة النهائية للسباق للتحرك في المقدمة. تم تنفيذ هذه الإستراتيجية بما يتماشى مع التوقعات، مع وجود علامات قليلة على التآكل. والذي زاد في الأمر غرابة أن فيرستابن بدأ أيضا بهذا النوع من الإطارات على عكس جميع التوقعات السابقة بان يبدأ السباق بإطارات صلبة.
استراتيجية الإطارات وتقدم فيرستابن
مع 25 لفة على الإطارات المتوسطة، كان لدى مرسيدس إتخاذ القرار بما إذا كان سيطلب من هاميلتون التوقف لتغيير الإطارات أم لا. تم إتخاذ القرار بعد رفع علم أصفر حيث اضطرت جميع السيارات إلى إبطاء سرعتها.
بشكل حاسم في هذه المرحلة، قررت ريدبول إحضار فيرستابن للتوقف لتغيير الإطارات ذات نوع بيريللي، بينما اعتقدت مرسيدس أن الفجوة البالغة 18 ثانية بين السيارتين كانت أقل من أن يتم تغيير الإطارات بنجاح. فجأة، اضطر هاميلتون للقيادة على الإطارات القديمة التي يبلغ عمرها 25 لفة للدفاع ضد فيرستابن الذي كان سيظل على إطارات أحدث لبقية السباق. بقي 19 لفة أخرى في هذه المرحلة.
استمر لويس هاميلتون المعروف باستخراج كل القوة من إطاراته في الحفاظ على فجوة كبيرة بينه وبين فيرستابن مع بقاء 10 لفات على النهاية.
وأدلى كريستيان هورنر رئيس فريق ريد بول بتعليق مفاده أن فوز سائقهم بالسباق وبطولة العالم سيتطلب معجزة. لكنه لم يكن يعلم أن المعجزة التي كان يأمل فيها ستحدث بعد خمس لفات، أي لفات الإطارات الناعمة من بيريللي، التي كانت فعلا بهذه الأهمية واستطاعت عبرها ريد بول وباعتماد استراتيجية ذكية، من دخول تاريخ فورمولا 1 من بابه العريض.
الفوضى في آخر لفة وفوز فيرستابن
كان سائق فريق هاس ميك شوماخر ونيكولاس لطيفي سائق فريق ويليامز يتسابقان في اللفة 53، ولكن عندما ابتعد شوماخر، ترنحت سيارة لطيفي واصطدم بالجدار. أدى حادث لطيفي إلى إخراج سيارة الأمان في اللفات الأخيرة من السباق. في هذا الوقت، أتيحت لمرسيدس فرصة أخرى للتوقف. لكن بدلاً من ذلك، اختاروا إبقاء هاميلتون على نفس الإطارات مرة أخرى، مشيرين إلى أنهم سيفقدون المركز الأول إذا توقف لتغيير الإطارات. بينما قرر فريق ريدبول وبمجازفة خطيرة إحضار فيرستابن لتغيير الإطارات مرة أخرى . وقد أتت المجازفة ثمارها كما في البداية، بينما كانت سيارة الأمان على وشك الانسحاب، غيّر الحكام رأيهم وسمحوا لبعض السيارات الملتفة بأن تنطلق. فجأة، حصل ماكس وهاميلتون على لفة ونصف للمعركة الأخيرة.
مع لفة واحدة أخيرة لتحديد بطولة العالم، وضع الحكام بشكل أساسي هاميلتون في أسوأ مركز ممكن، هناك أيضًا جدل لا يزال مستمراً فيما يتعلق بقرار السماح لبعض السيارات فقط بالمرور، فقط السيارات الخمسة بين ماكس وهاميلتون سمح لها بالمرور. تنص قواعد سباق الاتحاد الدولي للسيارات بوضوح على أنه في حالة وجود سيارة أمان، يجب السماح بمرور جميع السيارات. لكن القيام بذلك كان سيعني أن سيارة الأمان ستبقى في اللفة الأخيرة وسيكون هاميلتون هو البطل.
ولكن لم يكن هذا هو الحال حيث سُمح لسائق ريدبول ماكس فيرستابن بالإنطلاق إلى جانب البريطاني بإطارات ناعمة وجديدة وجاء بعدها التجاوز. حاول هاميلتون استعادة مركزه المفقود لكن سائق ريد بول حافظ على رباطة جأشه وأغلق أي ثغرات كان من الممكن استغلالها. استدار إلى الركن الأخير وحصل على جائزة أبوظبي الكبرى، ليوتوّج بطل العالم للمرة الأولى في مسيرته ويمنع لويس هاميلتون من الفوز بالبطولة الثامنة له وكسر رقم مايكل شوماخر القياسي.
إقرأ ايضاً: مقابلة خاصة مع ماكس فيرستابين ورأيه بحلبة جدة