واصلت البطارية مسيرتها المنتصرة لسنوات عديدة، حيث تم تجهيز المزيد والمزيد من الأجهزة، مثل الهواتف المحمولة، والعاب الأطفال المضيئة وحتى السيارات، حيث بدأت المركبات الكهربائية والهجينة تهيمن ببطء على الشوارع بدعم كامل من الحكومات وعدد متزايد من المستهلكين بسبب أوراق اعتمادها الخضراء المفترضة. من وجهة نظر الاستدامة، يبقى السؤال ما إذا كانت تكنولوجيا البطاريات للسيارات أفضل وأنظف، أم يجب أن نركز انتباهنا على الهيدروجين لتشغيل مركباتنا في المستقبل؟
التوافر والإستدامة
تم إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي لسنوات عديدة. لكن مع تطوير غشاء تبادل البروتون، يتم إنتاج الهيدروجين، وخاصة للقطاع غير الصناعي مثل النقل، من الماء عن طريق التحليل الكهربائي. من جهتها تحتاج صناعة البطاريات إلى معادن نادرة مثل الليثيوم، ما يتطلب حفراً كبيرة في الأرض ويؤدي إلى تدهور البيئة. وتقع أكبر رواسب الليثيوم في ما يسمى "مثلث الليثيوم" بين بوليفيا والأرجنتين وتشيلي، في صحراء أتاكاما في تشيلي حيث تشكل ثلاث بحيرات مالحة خزاناً ضخماً لليثيوم. ولإنتاج الليثيوم، يتم ضخ المياه الجوفية الغنية بالمعادن في أحواض ضخمة تم إنشاؤها بشكل مصطنع للتبخير المستهدف. يؤدي استخراج المحلول الملحي من المياه الجوفية إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية وتجفيف مجاري الأنهار والمزارع والأراضي الرطبة المحيطة. يتم فقدان الأراضي الزراعية والمراعي، وتهديد الأنواع النادرة من الطيور، وتغير النظام البيئي بشكل كبير.
الكفاءة والمدى
يعتبر وزن البطارية في السيارة الكهربائية، التي تزن عدة مئات من الكيلوجرامات، عيبًا واضحًا. ويقلل وزن المركبات التي تعمل بالبطارية من المدى ويتفاقم كلما قاد أصحاب المركبات الكهربائية مزيجًا من المسافات القصيرة والطويلة. أما سيارات الهيدروجين لا تعاني من كل هذه المشكلات إذ يمكن تعبئة الهيدروجين مثل البنزين في المحطات.
إعادة التدوير
توجد العديد من تقنيات إعادة التدوير التجريبية للبطاريات المستعملة للسيارات الكهربائية. وأحد الاحتمالات هو تقطيع بطارية السيارة إلى قطع صغيرة مع المعالجة اللاحقة في حمامات الحمض، حيث يمكن استخدام الأكاسيد والأملاح الناتجة لبناء بطاريات جديدة. وهناك مشكلة أخرى تواجه المركبات التي تعمل بالبطاريات وهي سلسلة نقل البطاريات في حالة تلف المركبة. ولا يزال هناك الكثير من الأبحاث اللازمة من أجل الحصول على معالجة مستدامة لبطاريات السيارات المستعملة. أما سيارات الهيدروجين لا تعاني من كل هذه المشاكل.
إنتاج الطاقة
مع طرح وحدات توليد الطاقة المتجددة الجديدة مثل الألواح الشمسية وطواحين الهواء على نطاق واسع، يتعين على المستهلكين تكييف طلبهم وفقًا لتوافر الكهرباء. وهذا ممكن مع إنتاج الهيدروجين القائم على التحليل الكهربائي والمرونة المصاحبة له. مع العلم أنه لن يتم إنتاج الهيدروجين إلا عندما يكون هناك ما يكفي من الإشعاع الشمسي أو الرياح المتاحة.
على العكس من ذلك، يجب إنتاج الكهرباء اللازمة لشحن البطارية على الفور وهو ما لا يدعم ثورة الطاقة. فمع تزايد عدد المركبات الكهربائية، فإن شحن عدد من المركبات في نفس الوقت سيؤدي إلى تخطي سعة الشبكة، ما يتطلب توسع هائل في البنية الأساسية للشبكات القائمة.
في الخلاصة
إن تحديد مدى محافظة السيارة على البيئة لا يقتصر فقط على نوعية الوقود أو الطاقة التي تعمل عليها. فالسيارة تحتاج إلى عمليات تصنيع وقطع وتجميع ونقل وشحن وقطع غيار ووقود أو بطاريات التي بدورها أيضًا بحاجة لسلسلة إستخراج وتصنيع وإعادة تدوير. ولقياس مدى تلويث السيارة للبيئة يجب أخذ كل ذلك بعين الإعتبار. في هذه الحالة ستتفوق السيارات العاملة بالهيدروجين على السيارات الكهربائية، لأنها في جميع مراحل تصنيعها حتى وصولها على الطريق تحتاج إلى صناعات أقل تلويثًا للبيئة. أما بعد وصولها إلى الطرقات، فهي تتعادل من ناحية الحفاظ على البيئة مع السيارات الكهربائية.
اقرأ أيضًا: سيارة نموذجية من هيونداي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية.. هل تبصر النور قريباً؟