حلّ الليل، ترجّل السائق من سيارته، وأشعل مصابيحها. هكذا كانت حال أول مصابيح إنارة تمّ إدخالها في هياكل السيارات في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، حين كان يعتمد على الزيت لإشعالها.
بدأت الإنارة كتجهيز إضافي، ابتداءً من سنة 1898، لتتحول بعدها، وبالتحديد سنة 1904، إلى تجهيز قياسي يزوّد جميع أنواع السيّارات المصنّعة. لكنّ الإنارة الكهربائية أخفقت في عملها خلال سنواتها الأولى، فكانت تندمج وسحر الليل سواداً. بمعنى آخر، كانت طريقة عمل المصابيح من خلال احتراق مادة الـ "تنجستن" Tungsten لتوليد الضوء تشكّل غشاء أسود يلفّ زجاج المصباح ويحجب الضوء عن الطريق.
اعتمد في عام 1962، ولأوّل مرة في صناعة السيارات، مصابيح "هالوجين" Halogen التي تمزّق عتمة الليل بإنارة فعّالة ووهج براق، يفوق بمرات عديدة ذلك الذي كانت توفره مصابيح الـ تنجستن العادية.
وفي سنة 1991، كانت الفئة السابعة من بي ام دبليو أول سيارة تزود بتكنولوجيا "زينون" Xenon الضوئية. الـ زينون غاز، عند احتراقه، يولد طاقة ضوئية قوية الانتشار في المدى والجوانب، مما يؤمن للسائق رؤية شبه مثالية للدرب الذي يسلكه ليلاً.
في عام 2006، أصبحت لكزس LS600h أول سيارة تستفيد من مصابيح أمامية مجهزة بتكنولوجيا "ليد" LED التي سرعان ما انتشرت، لتصبح متوفرة بشكل قياسي أو إختياري على معظم السيارات المعاصرة. أما مستقبل مصابيح السيارات فيبدو أنه سيعتمد على تكنولوجيا الليزر التي سبق أن رأيناها على بعض الطرازات مثل بي ام دبليو i8 وأودي R8 LMX.
مع تقدّم السنين والتكنولوجيا، تحوّل مفهوم الإنارة، المقتصر على تأمين كمية من الضوء على الطرقات لرؤية وتحديد المسار، إلى وسيلة أمان تزيد من السلامة المرورية وتتفاعل مع تغير معالم الطرقات واحتياجات السائق، مما ينعكس إيجاباً على تدنّي نسبة وقوع الحوادث. كذلك أصبحت جزءاً من السياسات العامة للدول لحماية مواطنيها من أخطار السير. فهل من الممكن لهذه التكنولوجيا في الزمن المقبل أن تتعامل مع نور النهار الطبيعي كما تتعامل مع ظلمة الليل ليصبح الفارق بين الظلمة والنور مجرّد كلمة؟