الازدحام في مصر لا يُطاق ولا يُعقل، لدرجة أنك قد تقطع مسافة 10 كيلومترات بسيارتك في ساعة ونصف في بعض الفترات الزمنيّة في القاهرة، لكنّك إذا سرحت بخيالك قليلاً أثناء تراصف السيارات بجوار بعضها، ستستنتج أنّ مصر لم تكن هكذا دائماً، حيث كانت خالية تماما من وسائل المُواصلات في الماضي.
وقد وقع بين أيدينا مؤخرا كتاب المجتمع المصري بين الثابت والمتغير للدكتور عبد المنعم الجميعي، وتضمّن أحد فصوله متى تعرّف المصريّين على وسائل النقل الحديثة، حينها تعرّفتُ على معلومات طريفة بالغة الأهمية عن تاريخ جمهورية مصر العربية.
وصحيح أن الكثيرين اختلفوا حول تاريخ دخول السيارة (الأتومبيل)، فالمُرجّح أنّ أول سيارة سارت في شوارع مصر في عام 1890، أي أواخر عهد الخديوي توفيق، إذ استقدَم الأمير حسن، أحد أفراد الأسرة الخديوية، سيارة فرنسية تعمل بالبخار ماركة "دي ديون بوتون"، وذلك لاستخدامها في الترفيه والمغامرة بعد أن جرّبها أثناء عمله في ألمانيا.
وفي إحدى الأيام، أخذ الأمير حسن سيارته البخارية في رحلة من القاهرة إلى الإسكندرية برفقة اثنين من أصدقائه، واستغرقت الرحلة 10 ساعات كون السرعة القصوى كانت محدّدة عند 20 كم/س، وقد تعرّضوا إلى مُحاولة قتل من الفلاحين الغاضبين بعدما أتلفت السيارة محاصيلهم بسبب غياب طُرق صالحة تسير عليها السيارات حينها. والسبب الثاني الذي دفعهم للقيام بذلك مُثير للضحك، إذ أنّهم اعتقدوا أن السيارة البخارية هي عربة "تجرها الشياطين"، حيث كان جرّها بلا دُواب أمر لا يُعقل بتاتاً.
قيادة السيارات في تلك الحقبة كان خطر جداً، حيث لم تكن توجد علامات مرورية في الشوارع، وعندما بدأت السيارات بالانتشار، صدر قرار بمنع تخطّي سرعة 20 كم/س، كونها كانت تُصيب الناس والدواب بالهلع عند رؤيتها.
يُذكر بأن أول حادث وقع في مصر في عام 1901، عندما اصطدمت سيارة الأمير محمد علي بعربة كارو تحمل أخشاب.
وأخيراً، انتشرت السيارات في مصر بنهاية عام 1905، حيثُ العدد الإجماليّ كان 166 سيارة في البلاد؛ 110 سيارة في القاهرة و 56 سيارة في الإسكندرية.
اقرأ أيضا: تجربة رنج روفر ايفوك 2020: قمة في تكنولوجيا السيارات