تضجّ البلاد من حين لآخر بحدث الـ "كار بارك دريفت"، حدث يزور معظم المناطق العربيّة ليبرز مهارات القيادة السريعة والاستعراضية لدى الشباب، كلٌّ على سيارته الخاصّة، وفي إطار آمن.
فما هو الـ"دريفت" أو الانجراف؟ أهو مجرّد هوس في السرعة والمناورات أم هو فرع جديد من رياضة المحرّكات؟
بدأت قصة الـ"دريفت" على الطرقات الجبلية المتعرّجة في اليابان، والمعروفة باسم "توجاي" (Touge) أي المسار الجبليّ. فكانت مجموعة من المتسابقين، تطلق على نفسها اسم Rolling Zoku، يتنافس أعضاؤها، خلافاً للقانون، في تحقيق أفضل الأوقات على تلك المسارات. ولفّة تلو الأخرى، حسّن المتسابقون أوقاتهم، مما يعني أن سرعتهم في القيادة تصاعدت، فاقتربوا أكثر فأكثر من ملامسة حدود قدرات سياراتهم. بمعنى آخر، كان المتسابقون، بسرعتهم الهائلة هذه، يتحدّون قواعد الجاذبية إلى درجة فقدان السيطرة والتمايل بالسيارة في كلّ الاتجاهات. هكذا، وهم يبحثون عن أعشار من الثواني لتحسين أوقاتهم، اكتشف هؤلاء متعة قيادة السيارة إلى حدود فقدان التماسك والسيطرة عليها أثناء انزلاقها في داخل المنعطفات.
صحيح أن الانزلاق لا يكسب المتسابقين وقتاً، لكنه وفّر لهم فرصة اختبار أقصى درجات الخوف والمغامرة والسيطرة عليهما وعلى مركباتهم في عرض فريد من نوعه، يجمع ما بين صوت حفيف الإطارات، ونبضات قلب المحرك، وفرحة الجمهور استمتاعا بهذا العرض الجميل. هكذا، وبفضل صدفة مجنونة، تحوّل خطر الانزلاق مهارة قيادة، وأبصر الـ دريفت النور من أنين طرقات الجبال اليابانية.
هذا في ما خصّ تاريخ الـ دريفت. أما تعريفه، فهو في نظر الكثيرين انزلاق للسيارة على المنعطفات في وقت لا يرفع السائق قدّمه عن دواسة الوقود. صحيح أنه انزلاق للسيارة، لكنه ليس ببساطة الضغط المستمرّ على دواسة الوقود. فالـ دريفت هو إيجاد أفضل مسار لتمركز السيارة في وضعيّة تسمح بانزلاق مؤخرتها (oversteer). وتتمّ هذه العملية، إما من خلال الانعطاف المبكّر السريع أو القاسي. عندها، تبرز مهارة السائق في المحافظة على وضعيّة الانزلاق هذه من دون فقدان السيطرة على سيارته. لذلك، يقوم بتوجيه المقود وفق الوجهة التي يريد سلوكها، أي بعكس اتجاه انزلاق مؤخّرة سيارته. وهذه المناورة تُعرف باسم Counter steer.
فالـ دريفت مزيج من دقة الانعطاف، والتسارع، والكبح، وتوقيت تعشيق السرعات واستخدام فرامل اليد. إذاً، ليس ببساطة الانزلاق والضغط على دواسة الوقود، بل هو فنّ السيطرة على الخوف والتحكّم بالمركبة على شفير نقطة اللاعودة.