سمعنا الكثير عن حلبة نوربورغرينغ، وما يرافقها من تكسير أرقام قياسيّة لطرازات رياضيّة لكل صانعي العالم. إنها المعيار والمرجعيّة والوجهة الوحيدة لصانعي السيارات عندما يريدون إبراز تفوق أحد طرازاتهم، لما تحويه الحلبة من هندسة طرق تقنية، تختبر قدرات السيارات كافّة. تشكّل نوربورغرينغ المعيار العالمي للسرعة والتأدية العالية في عالم السيارات. فبالإضافة إلى هذا، وإلى كون الحلبة مفتوحة أمام محبّي السرعة والسيارات لقيادة مركباتهم الخاصة وتذوّق صعوبة وتاريخيّة هذا المسار، يبقى لتاريخ هذه الحلبة الحصة الأكبر من حكايتها.
تمّ افتتاح حلبة نوربورغرينغ في عام 1927. ومنذ ذلك الوقت، شهدت الحلبة العديد من السباقات والمهرجانات المهمّة، التي كانت تقام عليها، على مدار 365 يوماً في السنة. وبعد الافتتاح الرسميّ للحلبة، في 18 مايو 1927، ظهرت الفائدة الاقتصادية الكبيرة للحلبة على المدينة، حيث أصبحت المطاعم تقدّم غرفاً للسيّاح، ثمّ تحوّلت إلى فنادق، فيما أصبحت مراعي الأبقار حدائق ومتنزهات. والسباقات أصبحت النعمة التي نزلت على إحدى أفقر المناطق في ألمانيا.
عقود مرة على افتتاح الحلبة، التي أدخلت نوربورغرينغ في كتب التاريخ، بسبب القصص العديدة التي دارت فيها. العديد من السائقين من مختلف الاجيال جذبتهم وسحرتهم هذه الحلبة، التي أصبحت المحرّك الاقتصادي لمنطقة ايفيل Eifel.
خلال فترة العجز الاقتصادي الألماني، كانت رياضة السيارات تشكّل المتنفس الاقتصادي للدولة الألمانية. وبسبب الضجّة الإعلامية الكبيرة لهذه الرياضة في تلك الفترة، أي في عام 1961، حضر أكثر من 100.000 مشاهد سباق جنتلمان رايسير gentleman racer.
وفي عام 1969، ظهر بطل شعبي جديد هو البلجيكي جاكي اكس، الذي جذب أعداداً كبيرة من المشاهدين في تلك الفترة من رياضة السيارات. في حينه، بدأ السائقون يعاملون كأنّهم نجوم بوب. وبعد عدة حوادث كبيرة شهدتها الحلبة، طالب السائقون بإجراء بعض التعديلات على حلبة الجحيم الأخضر Green Hell، كما كان يطلق عليها السائقون بسبب مدى خطورتها.
تجدر الإشارة إلى أنه، بعد الافتتاح الكبير لنوربورغرينغ، حققت الحلبة رقماً قياسياً في عدد الحضور الجماهيري، في بداية انطلاقة عصر أسطورة الأسهم الفضيّة. وفي عام 1934، ولدت سيارات السهم الفضيّ. وقبل خوض سباقها الأوّل، قضى فريق مرسيدس ليلة السباق في نزع طلاء السيارة، لكي يجعلوا وزنها يطابق الوزن المطلوب، وهو 750 كلغ. وبسبب لون الألمنيوم البراق، بعد نزع الطلاء عنه، حملت المرسيدس اسم السهم الفضيّ Silver Arrows.