تحلق الطائرة في السماء، تاركة وراءها أثرًا أبيض خافتًا، وهو مشهد مهيب. ولكن هل تساءلت يوما ما هو هذا المسار؟ وخلافًا للاعتقاد الشائع، فهو ليس دخانًا، بل هو ظاهرة رائعة تسمى "النفاث".
جمال هذا الأثر الأبيض
تقوم محركات الطائرات، التي تحرق الوقود في درجات حرارة عالية، بإطلاق بخار الماء كمنتج ثانوي، فيمتزج بالهواء البارد الموجود على ارتفاعات عالية، حيث تكون درجة الحرارة والضغط أقل بكثير مما هو عليه على الأرض.
يؤدي هذا الانخفاض المفاجئ في درجة الحرارة إلى تكثيف بخار الماء، مما يشكل بلورات ثلجية صغيرة أو قطرات ماء تصبح مرئية على شكل أثر أبيض.
العوامل المؤثرة على تكوين النفاثات
- الرطوبة: كلما كان الهواء أكثر جفافاً على الارتفاعات العالية، زادت احتمالية تشكل نفاثات الهواء. يحتوي الهواء الرطب بالفعل على بخار الماء، وبالتالي فإن بخار الماء الإضافي الناتج عن العادم قد لا يتكثف بسهولة
- درجة الحرارة: الهواء البارد على ارتفاعات عالية أمر بالغ الأهمية لتشكيل النفاثات. الهواء الأكثر دفئًا، حتى على الارتفاعات العالية، قد لا يكون كافية لتحفيز هذه العملية
- الضغط: يسمح ضغط الهواء المنخفض على الارتفاعات العالية بتشكيل النفاثات التي تظهر خلف محركات الطائرات، لذلك ومتى كانت الطائرات تحلق على ارتفاعات منخفضة لا تترك وراءها هذا الأثر الأبيض
أنواع النفاثات التي تظهر خلف الطائرة
في بعض المرات نلاحظ بأن هذه النفاثات قصيرة العمر أي أنها تختفي بسرعة وخلال دقائق. هذه النفاثات تكون مكونة من بلورات ثلجية تتبخر مع ارتفاع درجة حرارة الهواء. أما النوع الثاني من النفاثات، فهو الذي يستمر لفترة طويلة وهي تتشكل عندما تكون بلورات الجليد أكبر وأكثر استقراراً.
إضافة إلى ما ذكرنا، الطائرات الحديثة ذات المحركات الأكثر كفاءة هي أكثر سخونة، كما أنها تستخدم الهواء الجانبي لتبريد العادم، لذلك هي أكثر عرضة لتكوين النفاثات.
على الرغم من أن نفاثات الهواء غالبًا ما يُنظر إليها على أنها غير ضارة، إلا أن بعض الأبحاث تشير إلى أنه قد يكون لها تأثير ضئيل على مناخ الأرض. ومع ذلك، فإن التأثير الإجمالي لا يزال قيد المناقشة وهناك حاجة إلى مزيد من البحث. لكن وباستخدام التنبؤات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي والمستندة إلى صور الأقمار الاصطناعية والطقس وبيانات مسار الرحلة، يمكن تحديد المسارات التي تتمتع بالظروف الجوية اللازمة لتجنب إنشاء هذه السحب. وفي سلسلة من الرحلات التجريبية، تمكن الطيارون من تقليل نفاثات الهواء بنسبة 54%.
ما هو الارتفاع الذي يجب أن تكون عليه الطائرة لتشكيل النفاثات؟
عادة ما تتشكل النفاثات على ارتفاعات عالية، عادة فوق 8000 متر، حيث تكون درجة حرارة الهواء أقل من -36.5 درجة مئوية. هذا وتساءل البعض إن كانت النفاثات تستطيع أن تسبب بهطول الأمطار، الجواب هنا هو لا، لأن صغر حجم النفاثات يجعلها غير قادرة على أن تكون ماطرة.
اقرأ أيضاً: لماذا تتجنب غالبية شركات الطيران التحليق فوق المحيط الهادئ؟
