تبدأ قصتنا اليوم من اواخر خمسينيات القرن الماضي حين قرر الصانع الالماني بورشه دخول معترك السباقات من خلال سيارة تعتبر ثورة في عالم المحركات: الـ"718". فقد صدمت هذه السيارة العديد من الصانعين ومحبي السباقات بتفوقها على المنافسين بمحرك وسطي من اربع اسطوانات اصغر من كل محركات المنافسة، ومن هنا ولدت اسطورة الـ"718".
اما قصتنا الثانية فتبدأ بعد ذلك بحوالي اربعين سنة، وتحديدا في سنة 1996 حين اصدرت بورشه الـ"بوكستر" بجيلها الأول التي تعتبر من السيارات التي انقذت بورشه من الافلاس في ذلك الوقت، لتتوالى من بعدها ثلاثة أجيال من البورشه بوكستر، آخرها الجيل الرابع المميز.
بالانتقال عبر الزمن الى يومنا الحالي، قرر فريق سترايف تجربة قيادة اسطورة الـ718 ممزوجة بتاريخ الـ"بوكستر" ومضافاً اليها شارة الـ"GTS"، وما من مكان افضل لخوض غمار تلك التجربة سوى طرقات الصحراء المعبدة الخالية من الزحمة.
بدأ نهارنا في مدينة دبي بلقاء سريع مع اثنين من محبي ومالكي سيارات بوكستر: ماريو معتوق صاحب سيارة بوكستر الجيل الثاني وميلاني شيندلر صاحبة بوكستر الجيل الثالث، اما انا، فخلف مقود بوكستر الجيل الرابع بنسخة 718 بوكستر GTS.
وبعد تبادل الأحاديث عن تاريخ بوكستر وعشق مالكي بورشه لهذه السيارة، استعرضنا بعض تغييرات الهيكل الخارجي مباشرة امامنا، مستغلين وجود الأجيال الثلاثة في مكان واحد، فكان واضحاً أن الجيل الرابع يتميز بتصميم انسيابي ورياضي "سبورت ديزاين" Sport Design ، في حين ان هوية بورشه المستقبلية واضحة على الجهة الأمامية مع مصد امامي ومصابيح امامية جديدة كلياً وعلى الجهة الخلفية مع اعتماد مصابيح خلفية ممشوقة ومميزة التصميم من الداخل كما من الخارج.
ولكن المفارقة، وبالرغم من انبهار ماريو وميلاني بالتصميم الجديد، كانت بتعلّق ماريو بسيارته حيث عرّف عنها بانها سيارة الشباب ولها قيمة عائلية وتاريخية مميزة في حياته، وبتشدد ميلاني على انها تعلقت بسيارتها من اللحظة الأولى بالرغم من وجود اكثر من بورشه واحدة في المنزل... ولكن، الجيل الرابع له طعماً آخر، وهنا بدأت الرحلة.
ما ان تدخل المقصورة الداخلية مستعداً للانطلاق حتى تتراءى للسائق هوية الـ 718 بوكستر GTS في جميع النواحي. اذ يحتويعلى "مقعدين رياضيَّين بلاس" Sports Seats Plus قياسيين، مع شعار "GTS" على مسندي الرأس وعلى عدّاد دوران المحرك للتذكير بان السيارة التي تقودها ليست عادية. ولمزيد من التصميم الرياضي، يطغى جلد ’ألكنتارا‘ Alcantara والكاربون فايبر والكروم على معظم اجزاء الداخلية.
والحلم يبدأ عند اول شرارة لدوران المحرك، اذ ترحب بك شاشة "تي أف تي" TFT بشعار "GTS" الذي يترافق مع صوت فريد نابع من نظام العادم الرياضي الذي يُعزز شخصية الـ 718 بوكستر جي تي أس المميزة.
انطلقنا في الأجيال الثلاثة من البوكستر، والكل يتباهى بسيارته، ولكن الأفضلية كانت للجيل الرابع حيث أن التكنولوجيا المتطورة في المقصورة الداخلية كـ"نظام بورشه لإدارة الاتصالات" PCM مع شاشته اللمسيّة جعل من القيادة عملية مسلية ومريحة لما توفره من تقنيات اتصال وترفيه مميزين.
انتهت رحلة ماريو وميلاني معنا مع انتهاء المناظر المدنية ودخولنا الطرقات النائية في منطقة الصحراء حيث اطلقت العنان - ولكن ضمن السرعة القانونية - لمحرك الـ718 بوكستر جي تي أس، فجاءت النتيجة مفاجأة كما فاجأت اسطورة الـ 718 المنافسين في الخمسينيات بقوتها وصغر حجم محركها.
بمقارنة سريعة بين المحركي الجيل الثالث والرابع، تأتي المفاجأة اذ أن الأول هو محرك سداسي الاسطوانات سعة 3.4 ليتر والثاني رباعي الاسطوانات مع شاحن تيربو سعة 2.5 ليترات، ولكن الثاني اقوى بـ 35 حصان مع قوة تصل الى 365 حصان وتسارع 0-100 كلم/س بحوالي 4.1 ثواني وسرعة قصوى تصل الى 290 كلم/س مع علبة تروس PDK.
ولكن الادرينالين لا يأتي فقط من قوة المحرك بل من عدة عوامل تجعل الـ"بوكستر جي تي أس" من الأكثر ثباتاً على المنعطفات، اذ أن موقع المحرك في وسط السيارة بالاضافة الى تقنيات انظمة الثبات والتعليق كـ"نظام بورشه للتحكم النشط بالتعليق" PASM و نمط "بي إس أم سبورت" PSM Sport و"نظام بورشه لتوجيه عزم الدوران" PTV، مع قفل ميكانيكي للترس التفاضلي الخلفي تتيح للسائقين الطموحين الاقتراب أكثر من حدود السيارة القصوى.
فبذلك، تصبح خصائص قيادة السيارة، من تماسك وثبات واستجابة إلى معطيات الطريق، أكثر دقة وثباتاً عند اجتياز المنعطفات السريعة، من دون المساومة على راحة القيادة على الطرقات غير المستوية.
ومن أهم مميزات الجيل الرابع هو "تطبيق بورشه للدقّة على الحلبات" PTPA اذ يتيح للسائق تسجيل بيانات القيادة مباشرة من الحلبة على الهاتف الذكي أوتوماتيكياً، ومن ثمّ عرضها على حساباته على التواصل الاجتماعي أو حتى تحليلها.
وبالنسبة لي، المتعة تأتي دائماً عند استخدام وظيفة "تحكم بالانطلاق" Launch Control للانطلاق بالسيارة بسرعة قصوى كما في السباقات، ووظيفة "الاستجابة الرياضية" Sport Response التي تُهيئ المحرك وعلبة التروس لتوفير تسارع خاطف لحوالى 20 ثانية كفيلة بأن تنقلك الى عالم الالعاب الاكترونية او افلام السرعة.