لا يزال هنري فورد، حتى يومنا هذا، أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ عالم المحركات. وجمعت هذه الشخصية صفات عدة: مخترع، صناعي، وطني، محسن، كان هنري فورد كل هذه الصفات. ولعل أبرز ما إبداعاته، أكثر من أي شيء آخر، والذي يؤكد على أن كل هذه المفاهيم والصفات إجتمعت في شخصية واحدة كان "قسم فورد الإجتماعي".
إقرأ أيضأً: قصة صورة الصراع بين فورد وفيراري في الستينات
تاريخ فورد
لشركة فورد وهنري فورد تاريخ حافل بالمغامرات، فقد بدأت الشركة عام 1903. كان موديل أف وموديل كيمن أوائل عروضها ، لكنها لم تكن هذا الإبتكار الثوري آنذاك. بدأت الشركة تشق طريقها الفعلي عام 1909 مع موديل تي الذي غير كل شيء ونقل الشركة إلى عالم آخر فبعد ان كانت تباع السيارة من الموديلات السابقة بمبلغ 2000 دولار، دخل هذا الطراز الذي كان يبلغ سعر 850 دولار ليجتاح الاسواق.
قام هنري فورد بإدخال تقنيات إنتاج، خط التجميع والتحسينات الأخرى في الكفاءة على إنتاج السيارات، وهذا ما سمح بتخفيض السعر أكثر فأكثر ليصل سعر طراز موديل تي الجديد آنذاك لحدود 440 دولار للسيارة عام 1915، وهذا ما سمح للشركة أن تبيع 15 مليون نسخة، وبدأت ثورة فورد في عالم المحركات.
إنتاج السيارات
من الطبيعي عند زيادة الإنتاج فأنت تحتاج لزيادة العمل، وهنا تكمن القصة، فقد عانت مصانع هنري فورد في تلك الفترة من تغيّر الموظفين بشكل سريع، مع العلم أن المصانع كانت تضم حوالي 14 ألف موظف آنذاك. وإضظرت الشركة في ذلك الوقت لتوظيف 52 ألف موطف في سنة واحدة بسبب تغير الموظفين بشكل سريع وكان السبب يعود لعدة عوامل منها الملل وخطورة العمل، فضلاً عن العامل الأهم وهو الرواتب.
لحل هذه الأزمة قام هنري فورد بهذا الإبتكار العجيب، وهو أنه رفع رواتب الموطفين جميعا من 2.34 دولار إلى 5 دولارات في الساعة. كان ذلك معجزةً، فهذا الراتب يسمح لأي موظف إقتناء سيارة فورد في ذلك الوقت، ولكن هنري فورد كان بالمرصاد!
قسم فورد الإجتماعي أو شرطة فورد
لم تكن هذه الزيادة على الراتب ببلاش، فقد وضع هنري فورد شروطاً على الموظفين مقبلها منها أنه على الموظف العمل في الشركة لمدة 6 أشهر، وأن العامل يجب أن يكون مقتصدًا، وعليه أن يحافظ على منزله نظيفًا وأطفاله بصحة جيدة ، وإذا كان دون سن الثانية والعشرين، يجب أن يتزوج وإلا لن يحصل على الزيادة.
كان هدف هنري فورد جعل موظفين مثالاً للموظف النجيب والعامل الصالح، ولضمان تطبيق هذه الشروط، قام بابتكار قسم فورد الإجتماعي" وهو عبارة عن 50 "محقق" يتدخلوا بكل تفاصيل حياة الموظفين وحتى التفاصيل الشخصية.
كانت اسئلة هؤلاء أشبه بتحقيقات الـ CIA فقد كانو يتدخلون في عادات إنفاق الموظفين، وإستهلاكك للكحول، وحتى علاقتهم الزوجية. ويسألون عما كانوا يشترونه، ويتحققون من أطفالهم للتأكد من أنهم كانوا في المدرسة وبانهم يعاملونهم بلطف.
نجاح الفكرة
قد تكون فكرة غريبة، وهي كذلك بالفعل، إلا انها نجحت هذه الفكرة بحل الكثير من العقد في شركة فورد لا بل عمل هنري على تطويرها فيما بعد من خلال إدخال برامج تعلم اللغة الإنجليزية لدرجة أصبحت مفروضة على الموظفين فيما بعد، ولكنه تمادى في كثير من الأحيان حتى كان الموظف يحتاج فيها إلى إذن من الشركة إذا كان يرغب في شراء سيارة، والتي تضمنت شرط الزواج وإنجاب الأطفال.