تقتصر صناعة السيارات لدى البعض على تفاصيل الهيكل والمحرك والمقصورة الداخلية. لكنّ من الظلم اختصارها بذلك، خصوصاً في عصر لم تعد الخطوط التصميمة وقوة المحرك وفخامة المقصورة تشكل العوامل الحاسمة في تميّز طراز من آخر. إذاً، هناك عناصر أخرى لجذب المستهلك وحثه على شراء هذه السيارة دون غيرها. ومن بين تلك العناصر، تفصيل يتمثل بشكل الأحرف المستخدمة في كتابة اسم الطراز.
تفصيل صغير صحيح، ولكنه ينقل بوضوح الأحاسيس والمشاعر التي أراد الصانع أن تختبرها كلما قرأت اسم طرازه. وبالإضافة إلى الأحاسيس والمشاعر، أراد الصانع من خلال شكل الحرف المستخدم الدلالة على اسم السيارة، وإيصال رسالة تختلف باختلاف الطرازات. فلتلك التي توحي بالجودة والمتانة، يستوجب استخدام أحرف وطريقة كتابة توحي للناظر إليها بالأمان والطمأنينة. أما طرازات السيارات السوبر رياضية، فتستوجب اعتماد أشكال أحرف وكتابة توحي بالمرح. إذاً، لكلّ طراز رسالة خاصّة به، يحاول الصانع إبرازها بوساطة الشكل المناسب للحرف الذي سيكوّن اسمه. فأيّ نوع من أشكال الأحرف هو الأفضل؟ وماذا يحاول الصانع، عبر اعتماد شكل معيّن للحرف، أن يُخبر المستهلك عن الطراز المعروض أمامه؟ أسئلة سنحاول الإجابة عنها بوساطة عرض وتحليل بعض أشكال أحرف أسماء طرازات معروفة.
تويوتا بريوس: بالنسبة إلى سيارة رائدة مثلها، تبدو طريقة كتابة اسمها وشكل أحرفها عادية بعض الشيء. الفراغ المستحدث على حرفَي الـ P والـ R يوحي بأنها انبثقت من أفلام الخيال العلمي، مما يُخيف البعض. الأمر الذي يفسّر تردّدهم في شرائها، لأنها توحي بتكنولوجيا مستقبلية متطوّرة جداً، صعبة الاستخدام. لكنّ ترابط الأحرف الأخرى من الاسم، إضافة إلى الشعار، ذي الشكل المستطيل، الذي حدّد عبارة Hybrid Synergy Drive، يضفي الطمأنينة ويشدّد على أنّ هذه التكنولوجيا الحديثة تعمل فعلاً، وهي في متناول الجميع.
أودي كواترو: تميّز الصانع الألماني، خلال ثمانينيات القرن الماضي، بطراز كواترو. اسم لم تتغير طريقة كتابته كثيراً منذ ذلك الوقت. ففي تلك الحقبة، استعملت حروف خالية من الزوايا الحادة، ومضغوطة الحجم، لتُضفي نكهة إنسانية دافئة، تكسر حدّة الخطوط التصميمية، وتهذّب جديّة الهندسة الألمانية وبرودتها. تخطيط حروف رسمت مجد ذاك الطراز، وجعلته من أنجح "موديلات" الماركة.
باجاني هوايرا: سيارة سوبر رياضية، لم يستخدم في كتابة اسمها شكل حرف مميّز. تبدو الكتابة وكأنّ أحداً دوّنها باليد، وهو على عجلة من أمره. فطريقة الكتابة هذه، والشكل الأعوج للأحرف، تعكس الطابع الرياضيّ والسريع للسيارة، ويعطيك فكرة عن وحشية محرّك الـ V12 ذات الـ700 حصان.
لاند روفر: الصانع الشهير استخدم أحرفاً جامدة ذات زوايا حادة، ترمز إلى القساوة والقوة والمغامرة والهجوم، تماماً كما تبرز على طراز ديفندر (Defender). أما اليوم، ومع إطلاق طراز ايفوك (Evoque)، فقد تبدّل شكل الحرف ليُصبح مضغوطاً، خالياً من الزوايا الحادّة، وكأنه تمّ إدخال بعض الأنوثة في طريقة كتابته، لمواكبة العصر وجذب زبائن جدد للماركة. فـ لاند روفر هنا على مفترق طرق مهمّ.
رولز رويس: لست بحاجة هنا إلى شكل حرف لتقدّر فخامة هذه السيارة، بل يكفي أن تشاهد شعار السيدة الفضيّة الراقصة البارز على طرف غطاء المحرك لتكوّن فكرة عمّا تشاهده. ولكن الشكل المرهف والبسيط للحرف المستخدم في كتابة شعار الماركة المتمثل بحرفَي R ليس إلا تأكيداً على عراقة هذا الصانع.
إذاً، مهما كانت السيارة جميلة أم قبيحة، كبيرة أم صغيرة، فخمة أم اقتصادية، فهناك فضول يدفعك إلى الاطلاع على اسمها. لذلك، يجب أن يكون الاسم أو الشعار واضحاً، يوصل إليك الرسالة الكامنة وراءه. عندها، تعرف إذا نجح الصانع في مهمته، وإذا أحسن في اختيار الشكل الأنسب للحرف أم لا. فالشعار أو اسم الطراز يحكي الكثير عن السيارة وعنك أيضاً... فبين خربشة وأخرى، أحسن الاختيار.
